في إطار نشر الوعي بمفاهيم وتبادل الخبرات في المجالات المختلفة للصحة العامة بين أعضاء هيئة التدريس، أقامت كلية الصحة العامة والمعلوماتية الصحية، يوم الاثنين الموافق 13/ 7/ 1438هـ، الموافق 10/ 04/ 2017م، محاضرة علمية بعنوان "استراتيجية الجودة الملائمة ثقافياً"، "A Culturally-Appropriate Strategy for Quality"، قدمها سعادة الأستاذ الدكتور زكي بن شاكر صديقي، الأستاذ بقسم صحة البيئة بكلية الصحة العامة والمعلوماتية الصحية بجامعة أم القرى، وحضرها وكيل الكلية الدكتور حامد عبدالعزيز غلام، وعدد من مشرفي الأقسام، وبعض الأساتذة من كليات الجامعة الأخرى، والعديد من أعضاء هيئة التدريس من أقسام الكلية.
وقد استعرض سعادة الأستاذ الدكتور صديقي عدداً من النواحي المتعلقة بالجودة من ناحية مفاهيمها ونشأتها وأشهر من نظر لها، ومنهم أبو الجودة المعاصرة إدواردز ديمينج، واستراتيجي العصر بيتر سنجي، كما استعرض مراحل تطور الجودة في العصر الحديث ابتداءً من الهندسة الصناعية، ومروراً بضبط الجودة، ونظم ونماذج الجودة المختلفة، وإدارة الجودة الشاملة، وانتهاءً بنظرية المبادئ الخمسة لبيتر سنجي، والتي تشمل: الإجادة الشخصية، النماذج العقلية، الرؤية المشتركة، التعلم الجماعي، والتفكير النظامي.
وشرح سعادة الأستاذ صديقي المبررات للتفكير في نموذج معدل للجودة ليناسب البيئة والمجتمع الإسلاميين؛ ومنها أنه وبعد نهاية الألفية الثانية، حدث فراغ في مسيرة الجودة، حيث أن كل النظريات والنماذج لم تصل إلى الهدف النهائي لتحقيق روح الجودة، فلا زال الموظفون والزبائن يشتكون رغم توفر النواحي المادية والنظم والعمليات ذات الصلة بالجودة. وأيضاً كون أن أبا الجودة الروحي ديمينج توقف عن نهائياً تقريباً عن استخدام مصطلح إدارة الجودة الشاملة لأنها أصبحت في رأيه ديباجة سطحية للأدوات والتقنيات فقط. ومن ذلك أيضاً تصريح إدجار شين وهو من أعمدة الإدارة والجودة في العصر الحديث عن ضرورة "تواضع القادة".
وأوضح سعادة المحاضر أن المنظمة المتعلمة هي الطريق للحل، عبر مستوياتها الثلاثة، وهي الافتراضات الضمنية، والقيم والمعتقدات (النظرة الداخلية)، والأدوات (النظرة الخارجية).
لذا نبه سعادة المحاضر صديقي إلى أن ذلك الفراغ في الجودة في المجتمعات الغربية ناتج عن التعارض بين العقل والروح، ولن يملأه إلا القيم الإسلامية، وهو ما دعاه إلى التفكير في نموذج ثقافي إسلامي يملأ الفراغ الروحي في منظومات الجودة المعروفة.
ويتمثل هذا النموذج في ثلاثة محاور؛ هي العبودية لله، والنية، وتزكية النفس. ولكل واحدة منها عناصر يتم التركيز عليها من أجل تحقيق الجودة من منظور روحي إسلامي.
وفي ختام العرض دار نقاش بين المحاضر والحضور حول بعض نواحي الموضوع، ومنها فكرة تبني نموذج روحي إسلامي للجودة لفك تعارض العقل والقيم الروحية في النماذج المعاصرة للجودة والإدارة؛ وضرورة التفكير والعمل على إيجاد آليات تنفيذية للنموذج؛ وشمولية الفكر الإسلامي لكافة نواحي الحياة من عمل وتعلم وعبادة، والمبادرة بالاستفادة من القيم الإسلامية لتغذية العلم والإدارة الحديثة؛ واعتبار أن مدرسة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هي الرائدة في تحقيق الجودة؛ والحاجة إلى مزيد من العرض والنقاش حول الموضوع في جلسات تالية.