تعدُّ جامعة أم القرى رائدة في العناية بالتراث الإسلامي جمعاً وتحقيقاً ونشراً منذ إنشاء مركز إحياء التراث الإسلامي عام 1396هـ - تابعاً لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية - إلى اليوم، واستطاع المركز في فترات مبكرة أن يجمع أمهات المخطوطات الإسلامية من شتى بقاع العالم، واجتمع لديه في زمن مبكر أكثر من (20000) عشرين ألف مخطوطة خدمت أعداداً لا تحصى من أساتذة الجامعات السعودية والعربية والعالمية وطلاب الدراسات العليا في الداخل والخارج، كما أن اختصاصاته الأولية شملت علوم الدراسات الإسلامية واللغة العربية والدراسات التاريخية والحضارية، بالإضافة إلى وظيفته الأساسية في إحياء التراث الإسلامي.
واستطاع المركز نشر ما يقارب من ستين (60) مطبوعاً ما بين كتاب وموسوعة تراثية منذ إنشائه إلى أن صدر الأمر السامي في 8/ 1/ 1406هـ بإنشاء معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي وإدراج مركز إحياء التراث الإسلامي ضمن مراكزه البحثية.
وفي27/ 6/ 1437هـ، صدر قرار مجلس التعليم بتغيير مسمى معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي إلى معهد المخطوطات وإحياء التراث الإسلامي، والذي يُعنى بالمخطوطات وإحياء التراث الإسلامي جمعًا وفهرسة وتحقيقاً، وربط الجامعة بالمجتمع.
وقد كانت ولا تزال المطبوعات التراثية تحتل الصدارة من عناية الباحثين ومقصداً لرواد المعارض الداخلية والدولية ودور النشر الداخلية والدولية؛ نظراً لقيمتها العلمية الرفيعة والتي كان من أحدثها إصداراً "موسوعة المقاصد الشافية" للإمام الشاطبي في (10) عشرة مجلدات، وموسوعة الجامع لابن يونس المالكي في (24) أربعة وعشرين مجلداً، هذا مع ما يُمكن ضمه إلى ممتلكات المعهد مما هو موجود لدى جهات أخرى في الجامعة مثل المخطوطات الأصلية والرقمية ومعامل التعقيم والترميم والنشر الإلكتروني لتلك المخطوطات والتي تمتلكها عمادة شؤون المكتبات بجامعة أم القرى، والتي يمكن أن تنقل إلى المعهد عند الموافقة على تحويل مسماه؛ لتكون بذلك وحدة متخصصة ذات قيمة وأهمية بالغة.
ومن المعلوم اهتمام جامعة أم القرى الكبير وجهودها البارزة في مجال تحقيق كنوز التراث الإسلامي ونشره والعناية به، ولعل أبرز وأوضح مثال على ذلك كثرة الرسائل العلمية التي اهتمت بهذا الجانب من خلال مختلف الأقسام العلمية بالجامعة والتي يتجاوز عددها (2000) ألفي رسالة علمية لمرحلتي الماجستير والدكتوراه.
ونظراً لما تحقق لقسم المخطوطات من تقدم وتطور هائل تمثَّل في دعم مكتبة المصورات الميكروفيلمية بالمزيد من المصورات بعد البحث عنها في مظانها أينما كانت سواءً داخل البلاد أو خارجها بهدف تيسير إمكانات تحقيق التراث الإسلامي للباحثين من أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا في مختلف الجامعات، ونظراً لما لقيته تلك المقتنيات من اهتمام بالغ ممن تعاقبوا على قيادة دفة العمل في معهد المخطوطات وإحياء التراث الإسلامي، وعناية بأمور الفهرسة والتصنيف وطباعة الفهارس لتسهيل الوصول إليها آلياً أو تقليدياً، وجلب أحدث أجهزة القراءة والنسخ، فقد أضحى ذلك النمو الهائل مبرراً ودافعاً لإنشاء معهد مستقل يُعنى بجميع أمور المخطوطات وتحقيق التراث الإسلامي؛ لتعطى هذه النفائس ما تستحق من الاهتمام والدعم بالإضافة إلى ما يلى من المسوغات: