الملخص

يهدف هذا البحث إلى دراسة حديث ابن عباس في صلاة المسافر وراء المقيم، حيث قام الباحث بدراسة هذا الحديث دراسة وافية، من حيث تخريجه، وبيان طرقه، وألفاظه المختلفة. ثم قام بدراسة أهم مسألة مستفادة من هذا الحديث، وهي: حكم قصر المسافر صلاته إذا صلى وراء مقيم. وأشارت النتائج إلى أن لفظ الحديث المشهور بين الفقهاء وغيرهم، وهو أنه قيل لابن عباس: "مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ السُّنَّةُ." فهذا اللفظ لم يثبت. وأن أكثر أصحاب شعبة رووه بلفظ: (أكون بمكة) أو (إِنِّي أُقِيمُ بِمَكَّةَ) ولم يقيدوا السؤال بالصلاة في الجماعة، وإنما بمطلق السفر والإقامة في مكة. وأن الروايات التي جاءت عن فوات الجماعة كرواية: (تفوتني الصلاة في الجماعة، وأنا بالبطحاء) أو (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ، فَخَرَجْنَا، ‌وَرَجَعْنَا، ‌فَصَلَّيْنَا ‌رَكْعَتَيْنِ؟) فليست نصا في المسألة، وإنما تحمل على رواية: (فاتتني الجمعة) أو كما قال ابن الجوزي: إن الإشارة إلى صلاة العيد. وكذلك أشارت النتائج إلى أن مراد ابن عباس بقوله: (من السنة) إنما هو قصر الصلاة في السفر عموما. وأن قوله: "من السنة" لا يدل دلالة قطعية على رفع الحديث إلى النبي r وأن هذه المسألة فيها خلاف معتبر، حيث قد ثبت عن الصحابة نسبة الفعل إلى السنة، ولا يقصدون سنة النبي r وذلك مثل: نسبة عمر الحكم المستفاد من القياس إلى السنة، ونسبة علي بن أبي طالب للحكم المستفاد من الشريعة وفعل الصحابة إلى السنة، ونسبة عمرو بن العاص عدة أم الولد إلى السنة، وليس فيها حديث. وأشارت النتائج أيضا إلى رجحان صحة قصر المسافر صلاته إذا صلى وراء مقيم، وذلك لعموميات قصر الصلاة في السفر، وعدم وجود دليل صحيح صريح يخصص هذا العموم، وأن الاختلاف بين الإمام والمأموم لا يفسد الصلاة إذ قد ثبت الاختلاف في صلاة المفترض خلف المتنفل، وكذلك في صلاة المقيم خلف المسافر، كما صلوا وراء النبي r وهو مسافر وهم مقيمون. وأوصت الدراسة إلى أهمية الوقوف على كل روايات وألفاظ الحديث حتى يكون الحكم الناتج عنه أكثر دقة وصوابا. ودراسة المسائل التي تعم بها البلوى للوقوف على خلاف العلماء وأدلتهم، والعمل بأيسرهم مالم يخالف نصًا.

الكلمات المفتاحية

صلاة المسافر، قصر الصلاة.

كيفية الاستشهاد