حج 1437هـ، صنع أنموذجاً مضيئاً، ورسم جزءاً من إبداع السعوديين وملحمة أنيقة وثمرة يانعة لخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين؛ فحق لنا الفخر تمثيلاً مشرّفاً، ومنه انطلاقاً سأنعطف بنشوة فخر نحملها على جباهنا وأمام عقولنا بإنجازٍ لا يقبل أنصاف الحلول لأن لغته "أرقام" لا تمثل سوى حقائق وجمال تكامليّ قدمت فيه 18 جهة حكومية سعودية وبإشراف عام من لجنة الحج العليا ولجنة الحج المركزية نماذج من العمل التكاملي الشمولي، بإخراج أنيق لخدمة أشرف بقعة وأكرم خلق، وكان العامل المشترك بينها التشرف بخدمة الحرمين الشريفين والحجاج، وامتداد الأدوار المضيئة والنماذج الوطنية المخلصة الناصعة فكانوا كعهد وطنهم بهم والمسلمين كافةً، فتحملوا مسؤوليات جسيمة وتضحيات مشرفة في خدمة ضيوف الرحمن.
فكان الأبرز جهود "الأمن العام" بقواته المختلفة ورجاله المخلصين من جنود وضباط وقيادات أظهروا احترافية عالية، بدءاً من نجاح تطبيق الخطط الأمنية والمرورية والتي عمل عليها استعداداً أكثر من 150 ألف رجل أمن، وقوة خاصة، ورجل مرور، أسهموا في تمكين الحجاج من أداء مناسكهم بيسر وأمان، وحضناً دافئاً لهم وصدراً رحباً وأذرعاً امتدت أماناً وعوناً.
أما وزارة الصحة فقد قدمت جهوداً عظيمة قام بها منسوبوها لتوفير الرعاية الصحية للحجاج من خلال ما قدمته من خدمات وقائية وعلاجية وإسعافية، فهيأت مرافق صحية في المشاعر المقدسة بلغت أكثر من 25 مستشفى و141 مركزاً صحياًّ و17 مركزاً للطوارئ على جسر الجمرات، وكذلك 200 سيارة إسعاف لخدمات الطب الميداني، وخدمات صحية نوعية لعددٍ من الحجاج المرضى برعاية مباشرة لأكثر من (255181) حاجاً، وإجراء 1609 جلسة غسيل كلوي من خلال 37 جهاز غسيل كلوي، و(24) عملية قلب مفتوح، و286 عملية قسطرة قلبية، و(11030) حالة إسعافية.
وفي نفس المنعطف، كانت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ناجحة بخططها واستعداداتها لإتمام جميع المناسك بأكثر من (15) ألف موظف وموظفة جندتهم لتقديم منظومة من الخدمات المتنوعة لقاصدي المسجد الحرام وسخرت 14 ألف عربة لذوي الاحتياجات الخاصة وثلاثة آلاف حافظة زمزم و136 خزانا يزود على مدار الساعة، مع المتابعة الدائمة لنظافة المسجد الحرام وتطهيره لحظة بلحظة بشكل مدهش وكفاءة سريعة دون إعاقة لحركة الحجيج؛ فغسل المطاف وحده كاملاً كان في أقل من نصف ساعة وبكثافة من آلاف العمال وأكثر من 300 معدة وآلة، تغطي حتى دورات المياه المحيطة بالمسجد الحرام البالغة أكثر من ثلاثة آلاف دورة مياه منها أكثر من سبعين دورة مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وعندما كانت مراكز إرشاد ولهج دعاء من قبل الحجاج والتائهين فقد شاركت جمعية الكشافة السعودية بـ3000 كشاف وجوال وقائد في تسعة مراكز أرشدوا فيها 83405 حجاج تائهين، وتم إيصال 7249 إلى مقار حملاتهم وأرشدوا فيه 76156 بالتوجيه والشرح فيما يعرف بالإرشاد المتجول على الخرائط الإرشادية والأجهزة الإلكترونية التي أصدرتها الجمعية.
أما قطار المشاعر فقد نقل في الساعة الواحدة 72 ألف حاج، وهي أعلى طاقة استيعابية اليوم لقطار في العالم، بما مجموعه نصف مليون حاج كل ست ساعات تقريباً، وبسرعة تتراوح بين 80-120 كم في الساعة.
كما جهزت وزارة الحج والعمرة 18 ألف حافلة، لنقل قرابة مليون وثلاثمائة من حجاج الخارج، خُصص منها 3000 حافلة جديدة، كما برز 23 ألف فرد نفذوا خطة "أمانة مكة" خلال موسم الحج عملوا وأشرفوا في ميادين متعددة، و2000 سيارة كانت توفر الغذاء للحجيج في المشاعر المقدسة، و15000 حافلة وفرتها النقابة العامة للسيارات وشركات نقل الحجاج، أما المؤسسة العامة لتحلية المياه فكانت داعما أول وشريكا استراتيجيا مع الشركة الوطنية للمياه في توفير المياه في المشاعر المقدسة لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، فدعمت وأمنت خزنا استراتيجيا بلغ أكثر من 10 ملايين متر مكعب.. والقائمة والأرقام حاضرة وتطول!.
وفي المنعطف الأخير، نجد أن "الحج الذكي" وتطبيقاته الالكترونية فقد كانت هذا العام حاضرةً بكفاءة وتقنية عالية؛ فأتى إطلاق مشروع التحوّل الرقمي في وزارة الحج والعمرة بدءاً من مركز التحكم والمراقبة، يسانده إطلاق عدة تطبيقات، لمساعدة الحجيج في أداء مناسكهم والإجابة على أي استفسارات شرعية، واطلقت اللجنة الإعلامية للتوعية الإسلامية في الحج تطبيق "وسائط المناسك"؛ لتمكّن الحجاج والمعتمرين من الاستفادة من المواد التوعوية عن كل مشعر من المشاعر المقدسة، كما أطلقت مؤسسة البريد السعودي تطبيق "محدد المشاعر المقدسة"، ويشكل بوابة خرائط رقمية لمناطق المشاعر المقدسة، وأطلقت إمارة مكة المكرمة تطبيق "الحج الذكي" الذي عمل على تسهيل مناسك الحج على ضيوف الرحمن، وكذلك حملت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي "التقنية في خدمتكم"، إضافة إلي تركيب شاشات عرض خاصة بخدمة حجاج بيت الله الحرام مع تفعّيل خدمة الشحن الكهربائي للهواتف النقالة في المسجد الحرام، ونافذة الكترونية خاصة بتقارير الأرصاد والبيئة في الحج مزودة بمختلف المعلومات البيئية والجوية التي تحدث على مدار الساعة.
وكي نقرأ أرقام النجاح فإنصاف أن نتوقف عند فارسَيّ موسم الحج، رئيس لجنة الحج العليا ولي العهد الأمير محمد بن نايف، ورئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، وجميع الرجال المخلصين معهم من وطني على النجاحات التي تحققت بهما وبإدارتهما في تنفيذ وتطوير خطط الحج والنقلة النوعية المحترفة؛ ومنها سنقف من اليوم استمراراً واستعداداً لحج العام القادم، وصولاً إلى طموحات خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله– وطموحات المواطن وجميع المسلمين، حيثما سيتداول المنصفون في كل بقاع الأرض محصلة عطاء السعوديين نحو دينهم وخدمة المسلمين لتصبح صدى في القلوب والعقول والتاريخ، شكراً "سعوديتنا" ودمت خالدة برجالك المخلصين. للمزيد