أهداني الزميل الدكتور عدنان الحارثي المؤرخ المكي وعميد شؤون المكتبات بجامعة أم القرى كتابًا من تقديمه بعنوان «جبال مكة : قراءة تاريخية» لمؤلفه الدكتور عدنان عبدالبديع اليافي ، والكتاب في ثلاثة فصول ، الأول : عن الموقع الجغرافي لمكة ، والثاني : عن الجبال وتعريفها وأهميتها ، وما ذُكِرَ منها في القرآن الكريم.
والفصل الثالث : والأخير تكلم عن بعض أشهر جبال مكة. ولقد شدتني المعلومات التي بين دفتي هذا الكتاب عن جبال مكة المكرمة والتي تُعَدُّ شواهد تاريخية ومرجعًا للكثير من الأحداث التي مرت بها هذه المدينة المقدسة ، وجبال مكة كثيرة العدد ، وقد ورد عن القرطبي «أنها لا تُعَدُّ» .
وذكر المؤلف جملة من جبال مكة فبدأ بجبل النور صاحب الغار الشهير غار حراء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلو فيه بنفسه ليعبد الله قبل البعثة ، وفيه نزل عليه الوحي لأول مرة (اقرأ باسم ربك الذي خلق). ولا يوجد في مكة المكرمة جبل مشابه لجبل النور ، فهو فريد الشكل ، وقمته كسنام الجمل . ثم ذكر جبل ثور وهو من الجبال المعروفة بمكة المكرمة نظرًا لما يتمتع به من مكانة تاريخية ، حيث يوجد به الغار الذي آوى الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبا بكر الصديق رضي الله عنه في حادثة الهجرة النبوية الشريفة ، وفيه جاء قول الله تعالى : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) .
ثم عَرَّجَ المؤلف على مجموعة من الجبال في مكة المكرمة ، كجبل خندمة الذي شهد دخول الصحابي خالد بن الوليد يوم فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة ، وأيضًا جبل أبي قبيس المطل على المسجد الحرام الذي صدع من فوقه المصطفى صلى الله عليه وسلم بدعوته أول مرة وجاء أيضًا جبل قعيقعان وسمي كذلك لتقعقع السلاح به في حرب جرهم مع قطورا وهم يومئذ أهل مكة . وذكر الكاتب أيضًا من الجبال جبل ثبير؛ وهو الذي أهبط الله عليه كبش الفداء لإسماعيل عليه السلام ، وهو على يسار الذاهب من مكة الى منى إضافة إلى جبل عمر المطل على المسجد الحرام من جهة الغرب ، وينسب لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكذلك جبل المطابخ في شعب عامر وسُمِّيَ بذلك لأن تُبَّعًا ملك اليمن عندما همَّ بهدم الكعبة مرض مرضًا شديدًا فنذر إن شفاه الله أن ينحر ألف بدنة ، فشفاه الله ، فَوَفَّى بنذره ، وجعلت المطابخ في هذا الموقع وخاتم هذه الجبال هو جبل كدي ( كداء) الذي دخل منه المصطفى صلى الله عليه وسلم مرتين : الأولى عند أدائه العمرة ، والثانية يوم فتح مكة ، قال حسان بن ثابت في ذلك :
عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
هذه الجبال وغيرها مما لم يأتِ ذِكْرُه تُعَدُّ من أهم المعالم ، وهي جزءٌ من تراث وتاريخ البلد الأمين مكة المكرمة. للمزيد