الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا المرسل بالهدى والحق والبينات، أما بعد؛
فإن من النعم الكبرى التي تذكر فتشكر، ما أنعم الله تعالى به علينا في هذه الديار المباركة، من جوار لبيته، ومهبط وحيه، ومرقد رسوله صلى الله عليه وسلم. فأُكرمنا بالبلد الحرام، والمسجد الحرام، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. وشرِّفنا بخدمة هذه المقدسات، ورعاية ضيوف الرحمن، وبذل الوسع والطاقة في سبيل ذلك.
لقد حرص ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، ومنذ عهد المؤسس -رحمه الله تعالى- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود على حشد الطاقات كلها وبذل الجهود جميعها؛ من أجل تيسير كل عسير، خدمةً لهذه المقدسات، وارتقاء بالأداء، وإنجاحا للمواسم، حجاً وعمرةً وزيارةً، فكانت وستظل خدمة وفود الرحمن وساماً تفتخر به المملكة العربية السعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، ويكفيها فخراً أن أعلى لقب فيها هو خادم الحرمين الشريفين. الذي ما فتئ -حفظه الله تعالى- وولاته يبذلون الغالي والنفيس، في سبيل راحة القاصدين لهذه الديار المقدسة، وتذليل ما يواجههم من صعوبات أثناء أدائهم للمناسك والشعائر.
ومع تزايد أعداد الوافدين لأداء فريضة الحج، ومناسك العمرة، والزيارة، تواصل السعي للتحسين والتطوير والتجويد، مستغلين في ذلك أرقى الأفكار والإمكانات والقدرات؛ لتحقيق الطمأنينة والراحة، والأمن والسلامة، لكلِّ حاج أو معتمر أو زائر.
وقد جاء إنشاء معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة -في ظل جامعة أم القرى- ثمرة من ثمار تلك الأعمال المباركة، والاهتمام الشخصي، والتوجه الكريم، والدعم المتواصل من قبل ولاة الأمر -حفظهم الله تعالى- فأخذ المعهد على عاتقه -وعلى امتداد عمره المديد- بذل أقصى الجهود، وتوظيف أعلى القدرات، والكفاءات العلمية والبحثية المستنيرة؛ من أجل دراسة قضايا الحج والعمرة، وما يتعلق بهما، ومن ثَمّ وضع المقترحات، والحلول، والمخترعات، والابتكارات، إسهاماً في خدمة وفود الرحمن، وقاصدي هذه البقاع الطاهرة، وتحقيقا لأهداف ورغبات المملكة العربية السعودية في خدمة هذه المقدسات.
ويُعَدُّ المعهد بأقسامه المتنوعة، ووحداته الكثيرة، ومركزه المتميز، وملتقياته العلمية، منظومة متكاملة، ومرجعاً علمياً استشارياً رائداً، قدّم الكثير من المشاريع التي وجدت حظها من القبول والتنفيذ، فأسهمت إسهاما فاعلاً في تطوير منظومة الحج والعمرة والزيارة، وارتقت بالخدمات المقدمة، ارتقاءً نوعياً ملموساً، ومواكباً لأحدث ما توصل إليه الفكر البشري من تقنيات ووسائط، ومخترعات؛ لإدارة أكبر تجمع بشري، يلتقي سنوياً {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} و{فِي أيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}.
وصلى الله على نبينا، وعلى آله وصحبه وسلم
عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة