اللغة العربية في يوم عُرسها
(لماذا نحتفي بها؟)
- لأنّ حبها طاعة لله، نحتفي بها لأنها لغة الرسالة التي جاءتنا من المحبوب الأعظم، المحبوب لذاته، وهو الله، عز وجل، إذ كيف نقرأ رسالة ربنا، ونفهم مراده، ونفسر كلامه دون أن نفهم لغة الرسالة؟ "وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، يجب على كل مسلم أن يعرف ويفهم من كلام الله القدر الذي يؤدي به الطاعات، ويجتنب المعاصي، وقد اختار الله لنا هذه اللغة دون غيرها؛ تيسيرًا علينا مع أنها للناس كافة.
- نحتفي بها لأنها لازمة لكل من يفسر كلام ربنا، أو يشرح سنة نبينا، أن يعرف مفرداتها، ونحوها، وصرفها وبلاغتها.
- نحتفي بها لأنها تخصصنا، ورسالتنا في الحياة، بها نتعلم العلم، ونكسب الرزق الحلال، وننشر رسالة ربنا، ونعلي شأن ديننا وأمتنا، قال تعالى: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم"، فهذ أمر من الله للأمة أن تُخرج من أبنائها فرقة تتعلم علما وفنا، وهذا ما يسمى التخصصات في زماننا؛ لتستغني الأمة عن غيرها في كل شئونها، ونحن حملنا أمانة اللغة التي يُحفظ بها القرآن والدين، فلذا لا بد أن نحتفي بهذا.
- نحتفي بها لأنها الوسيلة التي نعبر بها عن أغراضنا ومشاعرنا، كما قال فيلسوف العربية ابن جني: "إنها أصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم"، بها ننقل المشاعر، والأحاسيس، بها نتعلم العلم النافع، بها نناجي ربنا، ونصلي على نبينا.
- نحتفي بها لأنها رابطتنا الثانية بعد الإسلام، وهي العروبة:
بلادُ العُرب أوطاني *** وكلُّ العُرْبِ إخواني
- نحتفي بها لأنها لغة العلم، حملت العلوم المختلفة قرابة ثمانية قرون، حيث أخذ علماء الإسلام علم اليونان، والهند والفرس وترجموه، وطوّروه ووصلوا به لمرحلة الإبداع، فكانت لغة الطب، والفلك والهندسة والرياضيات والفلسفة، وجهود الرازي وابن سينا وابن الهيثم وغيرهم خير شاهد على ذلك، وهي قادرة الآن على حمل أمانة هذه العلوم من جديد، وتجربة تعريب الطب خير شاهد على ذلك، فلا قصور فيها لأنها حملت رسالة السماء، فكيف لا تسع علوم البشر، ولكن التقصير من أبنائها.
- نحتفي بها لما امتازت به، فهي لغة الترادف، والمشترك اللفظي، والتضاد، وما تميزت به من عبقريتها، ومنزلتها بين أخواتها من اللغات.
ويأتي السؤال: كيف نحتفي بها؟
- لن نقدر لغتنا ولن نحتفي بها حتى نقتنع أن تعلّمها أمر يرجع لعقيدتنا وديننا، وأننا نحبها ونتعلمها طاعة لله، حتى لا ينطبق علينا قول الشاعر:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس شنيعُ
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن أحب مطيع
وإننا أبناء قسم اللغة العربية على عاتقنا أمانة حمل اللغة؛ لأنها وسيلة حمل الدين وحفظه.
-
أن نتصالح مع العربية، حتى ولو فُرضت علينا بسبب المعدل، وننمي مهارتنا اللغوية، ونحب القراءة والمطالعة، ونفرض لغتنا الفصحى على كتاباتنا ومواقعنا الإلكترونية، مع عدم إهمال اللغات الأخرى.
-
والله من وراء السبيل، وكل عام وأنتم بخير.
د . خالد خضيري
المشرف على قسم اللغة العربية
بالكلية الجامعية بأضم