دشَّن معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس يوم الخميس 21 ربيع الآخر 1438هـ، مشروع الصندوق الخيري لدعم برامج طلاب المنح الدراسية، بحضور معالي مستشار الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد، ووكلاء الجامعة، وأمناء مجلس الصندوق، ورئيس مجلس إدارة الصندوق الخيري لدعم برامج طلاب المنح عميد معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها الدكتور حسن بن عبدالحميد بخاري، ووكلاء المعهد، وطلاب المنح.
بُدئ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقيت كلمة طلاب المنح، ألقاها نيابة عنهم الطالب ظفر نعمان عبدالله من الهند، قال فيها: "نحن سعداء اليوم بهذا التدشين للصندوق الخيري لدعم برامج طلاب المنح الذي تم إنشاؤه لخدمة طلاب المنح ورعايتهم من النواحي الإنسانية والمادية والصحية، وتقديم ودعم الدورات التدريبية المستقبلية لرفع كفاءتنا العلمية وغير ذلك من الجهود المبذولة المباركة"، مضيفاً: "نحمد الله سبحانه وتعالى أن اصطفانا واختارنا من بين الملايين من الطلاب الذين يتمنون الحصول على منحة دراسية في جامعات المملكة العربية السعودية عموماً وفي جامعة أم القرى خصوصاً"، مقدماً شكره وعرفانه لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهم الله – على ما لاقاه طلاب المنح القادمون من معظم دول العالم من حفاوة وتكريم، ولمدير جامعة أم القرى ووكلاء الجامعة وعمداء ورؤساء الأقسام والإدارات على ما قدموه من خدمة وتربية وتعليم.
إثر ذلك ألقى عميد معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها رئيس مجلس إدارة الصندوق الخيري الدكتور حسن بن عبدالحميد بخاري، بيَّن فيها أنه من كرامة الله للمرء أن يجمع له بين شرف المكان وفضيلة العمل وطيب الأثر، فما ظنُّكم بباب يُعنى بطلبة العلم وسفراء الهداية في رحاب البلد الحرام؛ صروح من العقل وبناء البرامج والأفكار معاً عبر نُخب علمية بصيرة واعية تتسع امتداداتها لتغطي المعمورة من طرفها، مضيفاً أن صندوقنا المبارك يرفل اليوم في حفل تدشينه وقد تكاملت أطوار تأسيسه بدءًا من وضوح الرؤية وسمو الرسالة وجلالة الأهداف، ومروراً بلوائحه الفريدة وإدارته القانونية والمحاسبة المتقنة، وانتهاءً بمبادراته النوعية وتطلعاته الطموحة في رعاية كريمة من مجلس أمناء جليل وقور يجلله أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة الكوكبة النبيلة التي انتظم عقدها النفيس لتشريف الصندوق ألقاً وبهاءً.
وأكد الدكتور حسن بخاري أن الصندوق ينطلق اليوم بخطى واثقة نحو أهداف قرنت بين الحفاوة والعناية بطلاب المنح، وصقل مواهبهم، وشحذ هممهم، وبين رسم مسارات، وإطلاق أفكار، وبناء مشاريع تستشرف المستقبل، وتمهد مواطئ الإقدام لتلك الجموع من خريجي طلاب المنح في مجتمعاتهم، منوهاً بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود – حفظه الله - وولي عهده، وولي ولي العهد - وفقهما الله- لأبناء الأمة الإسلامية، وإتاحة المجال لتلقي تعليمهم بالجامعات السعودية عموماً وجامعة أم القرى على وجه الخصوص في العلوم الشرعية واللغة العربية، مشيراً إلى أن الصندوق الخيري الذي تم تدشينه يضاف إلى تلك الجهود المباركة والكيانات النوعية التي ترفرف راياتها في رحاب الجامعة، شاكراً معالي مدير الجامعة على الاستشراف الطموح ثم العناية والحرص في كل مرحلة من مراحل التأسيس لهذا الصندوق ونشأته حتى أشرقت شمسه اليوم في حلة بهية، ولكليات الجامعة الغراء التي تشاطرنا رسالة طلاب المنح ورعايتهم، والعمادات المساندة وعلى رأسها عمادة شؤون الطلاب بإداراتها عامة وإدارة المنح خاصة.
إثر ذلك أُلقيت قصيدة شعرية بعنوان "يا مكة الخير"، للطالب الحسن أبوبكر، نالت استحسان الحضور، ثم شاهد الجميع عرضاً مرئياً عن رسالة الصندوق وأهدافه ورؤيته وبرامجه والمبادرات التي يتبناها.
ثم ألقى معالي المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، كلمة مجلس الأمناء، أكد فيها أن إطلاق جامعة أم القرى لمشروع الصندوق الخيري لدعم برامج طلاب المنح يُعد أحد المشروعات الرائدة لتؤكد من خلاله الامتداد القيمي والمنهجي لعلماء المسلمين نحو العناية التي أولوها طلابَهُم، يَعمُّهم خيرُهم، ويسعُهم برُّهم بما تَندى به أيديهم، وترْشحُ به أريحيتُهم، لا يكلّون ولا يملّون، يشملون بذلك كافةَ ما يَحتاجونهُ مِنْ رعايةٍ معنويةٍ، ومتابعةٍ ماديةٍ، يَتيسرُ لهم بها التفرُّغُ للتعلُّمِ والتحصيلِ وَفْق ما تَستدعيهِ طبيعةُ المرحلة التعليمية مِنْ كُتبٍ درسٍ ومنهجِ إقراءٍ مِنْ جهة، وما تقتضيه أحوالُهم المعاشيةُ مِنْ مكانِ يُؤي ومرفق يغذي لمن قلَّت نفقتُهم وضاقتْ ذاتُ يد ذويهم، مِنْ جهةٍ أخرى.
وقال معاليه: "إن جامعة أم القرى تضيف اليوم إلى رصيدها هذا الرصيد الكريم من الإنجاز الحضاري المتجدد عبر برامج الصندوق الخيري الذي يحمل رسالة نبض المملكة وفي مرجعيته ثقل الجامعة، وفي نُبله شرف الهدف، وفي عراقته ومصداقيته العمل المؤسسي الممنهج"، لافتاً إلى أن هذه فرصة من فرص البذل والإسهام وبوابة من بوابات التنمية والمعروف، مشيراً أن الصندوق الخيري بجامعة أم القرى يأتي في مقدمة هذه المشاريع والمبادرات وهو متضمخٌ بأريج البيت العتيق، ويفوح جلالاً بجوار المسجد الحرام، وهو مفهوم واسع من تفريج كربة طالب علم، أو تنفيس همَّ مغتربٍ، ثم يتعدى ذلك بنظرٍ ثاقبٍ وأفقٍ رحب، إلى تأسيس المشاريع العلمية المتخصصة في نشر لغة القرآن وإعداد البرامج النوعية لتأهيل النخبة من هذا الوفد الكريم، بل إنه ترسيخٌ لدور بلادنا المشرق -أيدها الله، وإرساءً لدعائم الولاء والانتماء في عقول عزيزة أشرقت بالعلم واستضاءت بنور الوحي.
ونوه معاليه بالعناية التي توليها المملكة العربية السعودية لأبناء المسلمين في بلدانهم وفي أرض الحرمين، مبيناً أن المنح الدراسية لها كبير عناية لدى ولاة الأمور من حيث إن المسؤولية المناطة على الدولة نحو أبناء المسلمين تكليف وفي نفس الوقت تشريف، مؤكداً أن بلاد الحرمين مئرز المسلمين ومقصد أفئدتهم، وهي في قلب العالم الإسلامي وفي قلوب المسلمين، فتبنِّي هذه المشاريع يمد الجسور بين قيادة هذه البلاد والنخب فيها وأبنائها مع أبناء المسلمين.
وبيَّن أن المجتمع المسلم هو مَن يطبق الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاماً وخلقاً وسلوكاً، وفقاً لما جاء به الكتاب والسنة، وتأسياً بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وهدى السلف الصالح، موضحاً أن التزام المجتمع بهذا المسار يجد التكافل الاجتماعي مكانه بارزاً في المجتمع تتحقق فيه مضامينه ومتطلباته، مؤكداً أن الإسلام اهتم ببناء المجتمع المتكامل، وحفلت مدوناته بجملة من النصوص والأحكام لإبراز الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك المجتمع بقوله صلى الله عليه وسلم – كما جاء في صحيح مسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، ومن سبله التكافل وصوره تلك الصناديق الخيرية التي تعنى بجوانب مهمة لأفراد المجتمع؛ لتحقق بهم التكامل في تعايشهم ومسؤولياتهم في مجتمعاتهم؛ ولأهمية الصناديق الخيرية وأثرِها الاجتماعي، ودورِها التطوعي، فإنها بحاجة إلى جهات راعية ومطورة لأعمالها.
وأردف معاليه "أحسب أن مشروع الصندوق الخيري لدعم برامج طلاب المنح هو صورة من صور التكافل المنشود، وخاصة أنه يعتني بشريحة محببة لقلوب الجميع، وهم أبناؤنا من طلاب العلم الوافدين من بلدانهم طلباً للعلم، وبناءً للمعرفة"، سائلاً المولى للجميع دوام التوفيق والتسديد في أمر الدين والدنيا، وأن يستعمله الجميع في طاعة الله.
ثم تحدَّث معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس بهذه المناسبة قائلاً: "إنَّ المملكةَ العربيةَ السعوديةَ وهي اليومَ حاملةُ لواءِ الأمةِ، ورافعةُ رايةِ التوحيدِ، قد استشْعَرَتْ أنَّ من واجباتِها القيامَ بعِبْءِ نَشْرِ هذا الدينِ الحقِّ، بمنهجِهِ الوسطيِّ، الـمُسْتَمَدِّ من أنوارِ الوحيينِ، وبفَهْمِ السَّلفِ الصالحِ، فأنشأتْ لذلك بَرْنامَجَ المنحِ الخارجيةِ الذي يستضيفُ أبناءَ المسلمينَ من كلِّ مكانٍ، فيهيّئُ لهم سُبُلَ العيشِ الكريمِ، ويفْتَحُ لهم أبوابَ التعلُّمِ بدءًا بدراسةِ اللغةِ العربيةِ، وانتهاءً بالشهاداتِ العُلْيا".
وبيَّن أن هذا البرنامجِ خرَّج آلافاً مؤلفة صاروا دُعاةً في بلدانِهم، وحَمَلةً لمنهجِ أهلِ السنةِ، وسفراءَ لبلادِ الحرمينِ، مشيراً أن جامعة أمِّ القرى تعد من أكثرِ الجامعاتِ السعوديةِ استضافةً لطلبةِ العلمِ من المنح الدراسية، لافتاً أن حكومة خادمِ الحرمينِ الشريفينِ -أيَّدَهُا الله – قدمت كلَّ غالٍ ونفيسٍ لخدمةً طلبةِ العلمِ هؤلاءِ، ولم تُقصِّرْ في شيءٍ من ذلكَ، وهذا ما يدفعُنا ويدفعُ كلَّ مواطنٍ مخلصٍ إلى أن يضعَ يدَهُ في يدِ قادةِ هذهِ البلادِ بما أمكنَهُ من جُهْدٍ وبذلٍ، ولأجْلِ هذا سعتْ جامعةُ أمِّ القرى لتأسيسِ (الصندوقِ الخيريِّ لدعمِ برامجِ طلابِ المنحِ) ليكونَ نقطةَ التقاءٍ بين جهودِ الدولةِ وإسهاماتِ الراغبينَ في دَعْمِ طلابِ المنحِ ومشاريعِهم، ودعْمِ برامجِ تعليمِ اللغةِ العربيةِ لغير الناطقين بها.
وقال: "إنّنا بتدشين هذا الصندوقَ بكلِّ فخرٍ نؤكِّدُ بأنَّ جامعةَ أمِّ القرى بتوجيهٍ من ولاةِ الأمر - حفظهم اللهُ - لن تألوَ جُهْداً في دَعْمِ برنامج المنحِ الخارجيةِ، ولنْ تُقَصِّرَ في العملِ على تَعْليمِهِمْ وتوجيهِهِم وتدريبِهم حتّى يؤدّوا الرسالةَ التي أرادتْها لهمْ هذه البلادُ المباركةُ"، مشيراً أن الصندوق حظي بموافقةِ كوكبةٍ من أصحابِ الفضيلةِ والمعالي والسعادةِ على عضويةِ مجلس أُمَنائِهِ، فجزاهمُ الله خيرَ الجزاء. عقب ذلك كرَّم معالي مدير الجامعة المشاركين من الحضور والجهات.