في آخر مقال لي عن موسم حج 1437هـ، الذي انتهى بسلام، وشهد له الجميع بالنجاحات التي تضاف إلى منجزات الوطن المضياف وأهله، نجاحات بانت بشائرها على وجوه ضيوف الرحمن، وصدحت بها ألسنتهم والقلوب، وتناقلت أخبارها جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية وبكل اللغات، ومما لا شك فيه وإيماناً منا بأن لكل مجتهد نصيب، وأن خلف كل تلك الإنجازات والنجاحات التي تحققت بعد فضل الله تعالى، رجالات ونساء من جميع أطياف المملكة المترامية الأطراف، في منظومة تكاملت فيها جميع الجهات المعنية بالحج المدنية منها والعسكرية، ولنعد بالتأريخ لقرابة سبعة أشهر سبقت موسم الحج، ولنقلب الصفحات التي بلا شك يسجلها التأريخ، لما تبذله المملكة بسخاء لا محدود بتوجيهات عليا من قائد هذا الوطن الكبير، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وحكومته الرشيدة، ذلك الإنفاق الذي تمثل في جهود كل الوزارات المعنية بشؤون الحج، بدءاً بوزارة الداخلية وما سطرته من منجزات حفظت أمن الحجيج وسلامتهم من الأزمات والكوارث، وما الإنتشار الملحوظ لرجالات الأمن والدفاع المدني وآلياته المدعومة باسطول حديث للطائرات العامودية، التي انتشرت بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، إلا واحدة من تلك الجهود التي ساهمت في الحفاظ على سلامة الحجيج، ولوزارة الخارجية جهود موفقة، لتسهيل إجراءات حصول الحجيج على التأشيرات عبر سفارات المملكة في جميع أنحاء المعمورة، ولوزارة الصحة جهود بارزة، ساهمت في نشر الوعي وسلامة الأبدان، وما قامت به من تحصينات وقائية عبر جميع منافذ الدولة لضمان سلامة الحج، مما تعانيه بعض الدول من الأوبئة الفتاكة، وبالإنتشار الملحوظ للمراكز الصحية الملحقة بالمدن الطبية والمستشفيات، إضافة إلى فرق الهلال الأحمر السعودي التي انتشرت وغطت كل نقاط الحج ومساراته، ولوزارة الدفاع والطيران ووزارة الحرس الوطني، رجالات سطروا ملحمة البطولات في حماية حدود الوطن من كل حاقد وحسود، ولوزارة الحج والعمرة دور بارز في تلك النجاحات بالإستعدادات المبكرة، التي سبقت الموسم بإقامة الدورات وورش العمل المكثفة عبر معاهد متخصصة، والتي كان لمؤسسات أرباب الطوائف إقبال عليها ودور ملموس فيها، للإرتقاء بثقافة القائمين على خدمة ضيوف الرحمن في جميع مناحي الحج، بدءاً بالتفويج إلى الجمرات والطواف ثم النقل وإسكان مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، عبر المسار الإلكتروني الذي يعد من الإنجازات التي ساهمت في المحافظة على حقوق الحجيج المادية والمعنوية، قبل وصولهم إلى المملكة وحتى مغادرتهم بسلامة الله، بما يذكرنا بالنافذة الإلكترونية للحج، وما فرضته من تسعيرة محددة لكل فئات الحج ومنها المخفض الذي شهد إقبالاً شديد لهذا الموسم، لمكافحة الغش والتدليس الذي تستخدمه بعض وكالات الحج الوهمية لحج الداخل والخارج، ولأمانة العاصمة دور ملموس وجهود مشكورة، في رفع ما يخلفه ضيوف الرحمن من نفايات بأطنان تفوق الخيال، بل والتخلص منها بميكنة حديثة تحافظ على صحة البيئة، بعد أن كان يتم حرقها بالطرق البدائية المكشوفة، التي كانت تعكر الأجواء وتنشر الروائح الكريهة، وللجهات الأمنية والمرور دور هام وجهود بارزة في إدارة الحشود ومركباتهم لتسهيل تنقلاتهم في دورة الحج، لا سيما وما تشهده منطقة مكة المكرمة من المشاريع المهولة، في توسعة الطرقات وإنشاء الأنفاق والجسور، ولشؤون الحرمين الشريفين دور مهول في تنظيم مسارات المصلين والطائفين بما يكفل سلامتهم بمشيئة الله، وللحق أقول: إن كل تلك الجهود التي بذلت إبتغاء مرضاة الله ثم لنؤكد للعالم أجمع، بأننا بفضل الله جديرون بخدمة ضيوف الرحمن على الوجه المطلوب، وبالحزم الذي نقتدي به من قائد الوطن سلمان بن عبدالعزيز ثم ولي العهد الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج ثم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع وسمو أمير منطقة مكة المكرمة مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس اللجنة المركزية للحج، الذين تناقلت تصريحاتهم وأقوالهم التي تنادي بالحزم في كل شؤون الحج، وأن لا تهاون في أعمالنا والأمانة التي تشرفنا بها من الخالق سبحانه، ولأعود بالذاكرة للزيارة الميدانية التي جال فيها معالي وزير الحج والعمرة على كافة مؤسسات أرباب الطوائف، والتي كانت تحمل في طياتها رسائل بوضوح الشمس في وسط النهار، مجملها التفاؤل بموسم حج ناجح بمشيئة الله تعالى، ثم الحزم في جميع خطواتنا المرحلية، لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، والحرص على الإستفادة من كل التجهيزات التي تسخرها الدولة حفظها الله وبسخاء لا محدود، ليرتقي الحج إلى ما نصبوا إليه جميعاً، وبما لا يعكر صفو وسلامة الحجيج منذ وصولهم أرض الوطن وحتى مغادرتهم، بعد أن منّ الله عليهم بأداء نسكهم بيسر وسهولة، وختاماً نحمد الله القادر أن أتم الحج بأمن وسلام، لتسقط كل المكائد التي تنبأ لها الحاقدون على الإسلام وأهله.. للمزيد