الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وتجتمع فيه كل شعائر العبادات.. وللحج منافع روحانية متعددة أهمها استشعار القلوب بالوحدانية والامتثال لأوامر الله، والتزود بالإيمان وغيرها.. إلا أنه بجانب هذه المنافع الروحانية، فللحج منافع اقتصادية متنوعة، تتجلى في ضخامة عدد الحجاج الموجود في رقعة أرضية واحدة وخلال فترة زمنية ذاتها ليخلق سوقًا قويًا وهائل الضخامة.. وإذا شئنا لاعتبرنا أن الحج يعتبر هو التجمع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي الأكبر عالميًا خلال فترة زمنية قصيرة.
العام الماضي 2015م وصل العدد الفعلي للحجاج إلى حوالي 1.95 مليون حاج، منهم 1.4 مليون حاج من الخارج، وحوالي 568 ألفًا من الداخل، ويعد هذا العدد نزولاً من عدد إجمالي يبلغ 3.0 مليون حاج فعلي في عام 2013م.. وإذا كان عدد الحجاج الفعلي لعام 2015 يصل إلى 2.0 مليون حاج، فإن عدد الموجودين بمنطقة مكة خلال فترة الحج يصل بشكل أو بآخر إلى 2.5 مليون نسمة، أخذًا في الاعتبار عدد من يقومون على خدمة الحجيج.
وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير، وصل عدد حجاج الخارج الذين قدموا إلى مكة حوالي 922 ألفا، ومن المعروف أن 30 في المائة من الحجاج يفد للمملكة خلال العشر الآواخر، إذن توقعاتنا بأن يصل العدد الفعلي لحجاج الخارج إلى نفس العدد بالعام الماضي 1.4 مليون حاج، ولو افترضنا أن عدد حجاج الداخل يصل إلى حوالي 700 ألف، إذن لدينا حوالي 2.1 مليون حاج هذا العام.
وهذا العام من المتوقع أن تكتمل فيه البنية التحتية الجديدة جزئيًا بمنطقة المشاعر المقدمة.. فقد سخرت حكومة خادم الحرمين الشريفين مجهودات وخطط هائلة لعملية التطوير والاستراتيجية الشاملة للمشاعر المقدسة برعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد، شملت الاستمرار في توسعة الحرمين الشريفين، وإنجاز شبكة قطار المشاعر المقدسة، ومشروعات إسكان وخيم الحجيج، والانتهاء من توسعة وإنشاء مطارات ضخمة لاستقبال ضيوف الرحمن، وتوفير إدارة أمنية فاعلة ومنجزة للحفاظ على أمن الحجاج واستقرارهم.. وتتوقع وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ «الجزيرة» أن يزداد عدد الحجاج خلال الفترة (2017-2030) بمعدل 12 في المائة سنويًا، ليصل إلى 5 ملايين حاج عام 2030م.
وموسم الحج إذا كان شعائر دينية، فإنه أيضًا منافع واقتصاد وسوق هائل الضخامة، فما بين إنفاق قوي ومركز من الحجاج لشراء الغذاء أو السكن أو نفقات قضاء المناسك من نقل واتصالات وغيرها، والأهم من ذلك كله الإنفاق على الهدايا العينية والتذكارية، بل إن بعض الحجاج يسعى لاستغلال فترة وجوده بالمملكة لشراء سلع ومنتجات يثق في جودتها خارج نطاق الهدايا المعتادة، وخصوصًا المنسوجات والملابس والذهب والأحجار الكريمة وغيرها.. هذا فضلاً عن وجود طلب هائل على الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي يسعى كثير من الحجاج لشحن كميات كبيرة منها.
وتدور التوقعات حول قيمة سوقية تعادل 50 مليار ريال خلال فترة الحج.. ومن أبرز الأسواق التي يتكون منها سوق الحج، هو سوق الأضاحي.
الأضاحي السوق الأكبر والاستغلال أقل
يرتبط سوق الأضاحي بأحد نسك الحج «الهدى».. حيث يتم شراء الهدى والتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى.
والأضاحي تمثل أكبر سوق لشراء الأغنام والماعز والماشية والإبل خلال أقصر فترة زمنية وهي أيام النحر الثلاثة.. وتتوقع وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ «الجزيرة» أن يصل عدد رؤوس الأضاحي إلى حوالي 1.4 مليون أضحية، بقيمة سوقية تراوح ما بين 1.2 إلى 1.5 مليار ريال.. إلا أن هذا السوق لا يتم استغلاله بالشكل الأمثل، حيث تتكدس لحوم الهدى في منى وتكاد أن تتعفن وأحيانًا يلقى بها إلى الحيوانات، ويترتب على ذلك ضرر، وذلك نظرًا لقلة عدد الفقراء في هذا المكان من ناحية ولكثرة الذبائح من ناحية أخرى.
وفي الوقت نفسه يوجد كثير من المستحقين في أماكن بعيدة عن أماكن الذبح (كما تشير بعض الدراسات)، فيمكن بسهولة أن تواجه رأس غنم تعرض عليك مذبوحة كاملة بسعر لا يتجاوز 20 ريالا.
وغالبا، فإن التفضيل الأعلى للأضاحي يكون في شكل أغنام.. وعلى الرغم من أن حجم السوق المحلي المقدر للأغنام يتحرك صعودًا وهبوطًا سنويًا ما بين 15 إلى 20 مليون رأس، إلا أنه لا توجد احصاءات دقيقة توضح حجم الطلب منها فيما يخص الأضاحي.. فيما تؤكد التقديرات على أن حجم الطلب على الضأن والماعز من أجل الأضاحي يتراوح ما بين 1.2 إلى 1.5 مليون رأس سنويا، تتوزع ما بين أضاحي المواطنين والمقيمين، وأضاحي الحجاج.
وتقدر وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ «الجزيرة»، حجم سوق الأضاحي هذا العام (2016) بحوالي 1.5 مليون رأس من الضأن والماعز، بمتوسط قيمة 1000 ريال للوحدة الواحدة، أي أن حجم سوق الأضاحي الذي يحدث خلال فترة لا تزيد عن 4 أيام بنحو 1.5 مليار ريال.. وهي القيمة الأعلى لسوق حيواني خلال فترة لا تزيد عن 96 ساعة.
وإذا كنا نتوقع قيمة اقتصادية تعادل 50 مليار ريال هذا العام جراء إيرادات ومبيعات سلع وخدمات خلال فترة الحج، فإن التوقعات تقفز بهذا الرقم إلى حوالي 200 مليار ريال عند اكتمال عدد الحجاج إلى 5 ملايين حاج حسب توقعات رؤية 2030.. ولذا، تتطلع وحدة «الجزيرة» إلى فتح وتهيئة كافة الأسواق الاقتصادية المتوقع أن تصبح أسواقًا حرة خلال فترة الحج، أنه سوق وسياحة ومبيعات وخدمات ترتبط بنسك وشعائر لا يوجد المنافس لها. للمزيد