رفع المشاركون في المؤتمر العلمي للحسبة "انتماء وطني وأمن فكري" والذي نظمه المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى في ختام أعمالهم، عن بالغ شكرهم وامتنانهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله - على دعمهما الكبير، وعنايتهما الفائقة بالعلم والعلماء، والجامعات والبحث العلمي، ومؤازرتهما لأعمال الحسبة المنتجة أمناً فكرياً وانتماءً وطنياً، كما توجهوا بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية - حفظه الله - على دعمه واهتمامه ومباركته لإقامة هذا المؤتمر.
وأكد المشاركون خلال الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر التي ترأسها معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس، بحضور عدد من أصحاب المعالي والفضيلة، على اللُّحمة الوطنية الواجبة بين ولي الأمر والرعية المبنية على البيعة الشرعية المنبثقة من مبدأ السمع والطاعة في المنشط والمَكْره، والتأكيد على محبة ولاة الأمر، والدعاء لهم، والتزام طاعتهم بالمعروف، وحرمة الخروج عليهم، والنصح لهم وفق ضوابطه الشرعية من العلماء المؤهلين والموثوقين في ذلك دون غيرهم، والتأكيد على أن اجتماع الكلمة والألفة بين الراعي والرعية سبب لخيرية الأمة، ونشر الود والتآلف، واستقرار الدولة، وانتشار الأمن في ربوعها، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وقوة مؤسسات الدولة، والبعد بالمجتمع عن الفرقة والشقاق والخلاف.
وأوصى المشاركون باتخاذ شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة وقربة وطاعة لله تعالى وفق النصوص الشرعية والمقاصد المرعية، والنأي بهذه الشعيرة في أن تستغل في أعمال المظاهرات أو الاعتصامات أو الخروج على الحكام أو تعريض السلم والأمن المجتمعي للخطر، وغيرها من المنكرات مما هو من منهج الخوارج.
ودعا المشاركون إلى الاهتمام بشعيرة الحسبة، ودعم برامجها ومناشطها التي تؤدي إلى تحقيق الأمن الفكري والانتماء الوطني، والإفادة من تجربة المملكة العربية السعودية الناجحة في هذا المجال، وإبراز تميزها في تطبيق هذه الشعيرة، بصفتها أنموذجاً يُحتذى أمام المجتمعات الإسلامية الأخرى لكلِّ دولةٍ تود أن تكون قويةً، تحافظ على دعائم بقائها، وسرّ تمكنها وعزِّها، وأكدوا على ضرورة تضافر جهود العلماء والدعاة والموجهين والمربين والإعلاميِّين لرفع وعْيِّ أفراد المجتمع بحاجتهم إلى الحسبة الفاعلة المنتجة للأمن والاستقرار في المجتمع، مما سيثمر بتوفيق الله وعونه ديناً وسطاً، وفكراً سليماً، وأمناً وارفاً، وتنميةً اقتصاديةً نافعةً، وقوةً مجتمعية متماسكة، متى التزم المحتسبون بواجبهم المناط بهم من الدولة، وتعاون الجميع معهم لأداء واجبهم.
كما أكدوا على دعم برامج الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والمعاهد والمدارس والمساجد والمؤسسات التعليمية والتربوية والمؤسسات المجتمعية والأُسْرة لتوجيه الطلاب والطالبات وعموم الناس إلى كلِّ ما ينفعهم وينفع مجتمعهم؛ كتحري الأصدقاء، وحسن اختيار البرامج النافعة، وتوجيههم نحو التصفح الشبكى الآمن في صفحات "الإنترنت"، والتوظيف الأمثل لوسائل الإعلام المختلفة، في بيان ونشر أحكام الحسبة الواردة في الكتاب والسنة، وبيان فوائدها وآثارها، وإبراز دورها في تعزيز الانتماء الوطني وتحقيق الأمن الفكري، وكلُّ ما من شأنه توطيد العلاقة وترسيخ التعاون والترابط بين أفراد المجتمع.
ودعوا إلى زيادة التعاون المثمر البناء وتفعيله بين الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين كل من المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكليات الدعوة والاحتساب، وكرسي الملك عبدالله للحسبة، والجمعية العلمية السعودية للحسبة، ومراكز البحوث في الجامعات السعودية لتوضيح أهمية شعيرة الحسبة، وما لها من آثار عظيمة في حياة الفرد والمجتمع، وبيان دورها العظيم في حماية العقيدة الصحيحة، والتحصين من نواقضها كالشرك والسحر، وتصحيح العبادة، ونشر الفضيلة، والأخلاق الحميدة الحسنة، وتحقيق أمن وسلامة المجتمع، وحمايته من الانحراف الفكري المؤدي إلى الغلو والتطرف.
وبينوا أنَّ الحسبة مسؤولية عامة أفراد المجتمع فيمن تقع مسؤولياتهم عنه من الأسر والأبناء، ومسؤولية رسمية بالمحتسبين خاصة فيمن تكلفهم به الدولة وفق صلاحياتهم المحددة بنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المثمر، وحث الناس على فعل المعروف وترك المنكرات بالحكمة والموعظة الحسنة، لحفظ الأمن والنظام العام للمجتمع، والتقيد بالضوابط الشرعية والتوجيهات النظامية في رعاية حقوق أفراد المجتمع، والتزام الآداب بينهم.
وحث المشاركون الجامعات على عقْدِ المؤتمرات والندوات والدورات وورش العمل في قضايا الحسبة وخدمة أهدافها، والعمل على تدريب كوادر الحسبة لتصبح كوادر ذاتِ قدراتٍ خاصةٍ؛ والعمل على تطوير آليات العمل الاحتسابي الميداني لخدمة هذه الشعيرة، والتوأمة مع النظام، ودعم جهاز الحسبة ليؤدي دوره في توعية أفراد المجتمع بأهمية الحسبة، وبيان ما تحققه من أمن وسلامة للمجتمع، مع وضع خطط استراتيجية علمية دقيقة لمعالجة كل التحديات القائمة في الواقع، أمام أعمال المحتسبين الميدانيين، يقوم بها متخصصون علمياً من خلال الجامعات ومراكز البحوث العلمية والكراسي البحثية.
ودعوا إلى توسيع نشاط الحسبة لتشمل شبكة التواصل الاجتماعي، حيث إنها من بين السّبل التي قد تُسهم في تطوير نشاط أعمال الحسبة إلى الاحتساب الإلكتروني عبر صفحات الإنترنت وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتأكيد على توسيع دائرة الحث على العمل بالمعروف وحث الناس عليه، ودعم وتشجيع إشراك العاملين في أعمال الحسبة من فئات أخرى كالنساء، وبعض مؤسسات المجتمع النظامية المختلفة، والعناية بالوسائل الحديثة والمبتكرة في الأداء الاحتسابي.
وطالبوا بالارتقاء بأعمال ومهام الحسبة وأدائها بما يسهم في الأمن الفكري ويحقق الانتماء الوطني، مشيدين بالدور الكبير والبنّاء لمركز الحرب الفكرية بوزارة الدفاع، ومركز اعتدال، ومركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وإدارة الأمن الفكري بوزارة الداخلية، وجهاز رئاسة أمن الدولة، وهيئة مكافحة الفساد، ومصلحة الجمارك، ونحوها من الجهات المختلفة، والتأكيد على ضرورة عمل دراسات علمية جديدة تستشرف مستقبل الحسبة وتطبيقه، تعتمد على الاستقراء والاستنباط والتحليل وعمل ميثاق شرف بين علماء الحسبة ونخبة من الخبراء، لتحقق تطلعات الأمة في الاقتصاد المعرفي والتنمية المستدامة، ومعالجة المشكلات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
كما أوصى المشاركون بإنشاء مركز تميز بحثي تتبناه جامعة أم القرى، ممثلة في المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخدمة شعيرة الحسبة، بهدف استثمار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يتوافق مع برنامج الدولة للتحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030، والارتقاء بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدراسات الحسبة المعاصرة وفق المستجدات، والإسهام في تحقيق الأمن الفكري والانتماء الوطني، وإعداد كوادر بحثية متخصصة لتعميق البحث العلمي في دراسات الحسبة، وتفعيل مقاصد الشريعة المحققِّة لذلك، موصين بأن يكون هذا الملتقى المبارك هو باكورة لغيره من المؤتمرات التالية له والمستمرة في معالجة ما يستجد من قضايا الحسبة وشؤونها، وأن يكون دولياً حتى يعم النفع.
وعبروا في ختام أعمالهم عن شكرهم لمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة لحرصهما واهتمامهما بجامعة أم القرى وفعالياتها المتعددة، ولمعالي وزير التعليم الدكتور أحمد محمد العيسى لدعمه واهتمامه ومتابعته لأنشطة وبرامج وفعاليات الجامعة، وإلى معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس على رعايته ودعمه الكبير لإنجاح المؤتمر، كما شكروا عميد المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور ياسر بن علي القحطاني، وجميع لجان المؤتمر على اهتمامهم وجهودهم ومتابعتهم التي أثمرت نجاح هذا المؤتمر.