طرحت الجلسة العلمية السادسة التي عقدت برئاسة معالي الدكتور محمد العقلا مدير الجامعة الإسلامية سابقاً، موضوع "فقه الحج والعمرة والزيارة" على طاولة البحث من قبل المشاركين في الملتقى العلمي السابع عشر لأبحاث الحج والعمرة والزيارة، حيث تناول خلالها الدكتور عادل رشاد غنيم من جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام خلال ورقة علمية بعنوان "فقه الزحام في المناسك" مشكلة الزحام في المناسك بقصد تخفيف المعاناة وتقليل المخاطر وتوفير الروحانية للحجيج، مبيناً أن العمل بفقه التيسير خاصة ووسعة الفتوى المتعلقة ببعض المناسك، والمراعية لحال المستفتي ومستجدات العصر تقلل من أزمات الزحام في الحج.
وقال إن فقه أحكام توسعة المشاعر يشمل البعد المعماري المتمثل في توسعة أماكن المشاعر المقدسة وبخاصة المسجد الحرام ومنى ومزدلفة، حيث يسبب ضيق الحيز الجغرافي زحاماً شديداً، وللتغلب على تلك المشكلة تبنت حكومة خادم الحرمين الشريفين مشاريع هندسية عملاقة لتطوير المنطقة وتسهيل أداء المناسك، وروعي عدم مخالفة هذه التوسعة لأمور الشرع، أما الاختلافات الفقهية فينظر إلى أقواها مع الترجيح.
وذكر أن للسلوك البشري دوراً في الزحام، وأكثر حوادث الزحام ناتجة عن هذا البعد مما يجعل إدارة الحشود عاملاً مهماً، فتأمين الحشود في الزحام يعتمد على مبادئ أساسية منها تقدير الموقف وحساب الأعداد المتوقعة وأماكن استقبالها.
وقدمت الدكتورة إيمان بنت سالم قبوس من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بحثاً بعنوان "الاستحسان الأصولي وأثره في نازلة التصريح بالحج والعمرة" تناولت خلاله اشتراط التصريح للحج، مبينة أن الأصل لا يمنع قاصد المسجد الحرام، ولكن نظرًا لكثرة الحجيج والمعتمرين، وما يسببه الزحام من نقص الأنفس والأموال، عمدت الدولة إلى إجراء اشتراط التصريح لتنظيم الحج.
وخلصت الباحثة إلى جواز اشتراط التصريح للحج تأصيلاً على دليل الاستحسان الأصولي، وأن ما قامت به الحكومة السعودية من اشتراط التصريح موافق للمقاصد الشريعة الإسلامية وغايتها في التكليف.
وفي ذات الجلسة أكد الدكتور محمد عبد رب النبي سيد من كلية التربية والعلوم فرع جامعة الطائف بالخرمة من خلال بحث بعنوان "تنظيم الفتوى في الحج: أسبابه - وسائله – غاياته" أن تعدد الفتاوى وكثرة المفتين بلا تنظيم توقع في الجدل، وتؤدي إلى الاختلاف في مناسك الحج، لافتاً إلى أهمية فهم مقاصد الحج في رفع الخلاف والشقاق والجدل بين المسلمين.
ودعا في هذا الصدد إلى اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للقضاء على مشكلة تعدد الفتاوى تماشياً مع مقاصد الشرع وإغلاق الباب حتى لا تتحول ساحات الحج إلى ساحات من الجدال حول تلك الفتاوى، مشيراً إلى أن بعض من يفتون الناس في هذه المسائل ليسوا أهلًا للإفتاء.
وتناولت الباحثة الدكتورة هويدا بخيت الحربي من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى من خلال ورقة عمل بعنوان "الأحكام التي تترتب على تصرفات فاقدي عقولهم داخل الحرم "في ضوء الشريعة الإسلامية" كيفية التعامل مع المرضى العقليين والنفسيين الذين تصدر منهم أفعال تجاه الناس أو الأموال والممتلكات داخل الحرم، مشيرة إلى أهمية تسليط الضوء على هذه الظاهرة وإيجاد حل لها.
وأضافت متسائلة "انتشرت في العصر الحديث كثير من الأمراض العقلية والنفسية التي تجعل كثيرًا من الأشخاص تصدر منهم تصرفات جنائية سواء على النفس أو الغير أو الممتلكات والأموال، فهل المريض العقلي أو النفسي مسؤول عن تصرفاته أم لا؟ وهل هذه المسؤولية مسؤولية كاملة أم جزئية أم منتفية ؟ وبالتالي فهل تستلزم أعماله عقوبة أم تسقط عنه العقوبة؟"، مفسرة تلك التساؤلات عبر ثماني مباحث في تعريف الأهلية وأنواعها وعوارضها، وفي تعريف المريض العقلي والنفسي، وأحكام تصرفاتهم، والمسؤولية الجنائية عليهم في الشريعة الإسلامية.
وأوضحت الدكتورة مها بنت جريس بن محمد الجريس من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من خلال ورقة عمل بعنوان "منهج الإسلام بالتوعية برسالة الحج الثقافية" أن الحج يمثل رسالة حضارية وثقافية للعالم، فهو منسك الإسلام الوحيد الذي يجمع المسلمين على اختلاف أعراقهم وبلدانهم في ذات المكان والزمان، ليؤدوا أعمالاً واحدة، لا تختلف في هيئاتها ولا في أعدادها، مشيرة إلى أن هذه الرسالة تجمع بين وحدة الغاية، ووحدة الصورة، لتصوغ بذلك رسالة ذات مغزى عقدي وقيمي عميق.
وبينت أن الإسلام سلك منهجًا فريدًا في إيصال هذه الرسالة العقدية والقيمية للناس من خلال الأقوال والأفعال والهيئات، وهو منهج فريد تميزت فيه أمة الإسلام عن سائر الأمم، داعية إلى استغلالها في هذا الزمن الإعلامي المفتوح ليكون موسم الحج أصدق تعبيراً عن معاني الإسلام للعالم كافة ولغير المسلمين خاصة، مما يستوجب المزيد من العناية بخدمة هذه الشعيرة إعلامياً بما يعبر عن هذه الرسالة العالمية التي تعكس الإسلام بشكل صحيح.