افتتح معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس اليوم اﻷربعاء 19- 07- 1437هـ، الندوة العلمية التي نظمتها الجامعة، ممثلة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بالتعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ، بعنوان "المسجد الحرام فضائله وأحكامه وآدابه"، بحضور معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، وبمشاركة أصحاب المعالي والفضيلة، وأعضاء هيئة كبار العلماء.
وقد استهل الحفل الخطابي الذي أعد بقاعة الملك عبدالعزيز التاريخية بمقر الجامعة بالعابدية بآيات من القرآن الكريم، ثم ألقى عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية رئيس اللجنة المنظمة للندوة الدكتور غازي بن مرشد العتيبي، كلمة أوضح فيها أن المتغيرات المتسارعة التي يعيشها عالمنا اليوم واختلاف الأحوال في الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والتقنية وغيرها، ألقى بظلاله على طبيعة المسائل التي تواجه العلماء في المجالات السلوكية والعبادية والمالية والطبية والأسرية وسائر شؤون الحياة، كالطواف في البدروم، واستعمال الهاتف النقال في المسجد الحرام، واتصال المسعى بالمسجد، وإجراء عقود المعاوضات فيه، كتأجير العربات؛ ونحو ذلك من المسائل التي تقتضي من أهل العلم والإيمان أن يبذلوا قصارى جهدهم في التعرُّف على أحكام هذه النوازل والتعريف بها مهتدين بنور الشريعة، وأدلتها الكلية والجزئية؛ لإسعاد البشرية، وتحقيق مصالحهم، ودرء المفاسد عنهم، وتقديم الحلول الشافية والإجابات الكافية على جميع الحوادث والقضايا مهما تغيرت الأحوال والظروف وتعددت النوائب والصروف.
وأشار إلى أن رغبة جامعة أم القرى ممثلة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية التقت مع رغبة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في إقامة ندوة بعنوان (المسجد الحرام فضائله وآدابه وأحكامه)؛ لدراسة عدد من النوازل المتعلقة بالمسجد الحرام، ومناقشتها من قبل الباحثين الكرام، إضافة إلى التعريف بفضائل المسجد الحرام، وآدابه العامة والخاصة؛ لأن ذلك يبعث على تعظيمه، ويعين على المحافظة على قدسيته ومراعاة حرمته، {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
وطالب الدكتور العتيبي الجهات الأكاديمية والمؤسسات والمراكز العلمية بأداء رسالتها نحو المجتمع، وتعزيز دورها الاجتماعي؛ بالبحث والدراسة، وجعل المشاركة في إصلاح المجتمع جزءًا مهماً من مسؤوليتها، وتوليه ما يستحق من العناية والاهتمام، مختتماً كلمته بالشكر لمعالي مدير الجامعة، الدكتور بكري بن معتوق عساس على تحفيزه للكلية ومنسوبيها على إقامة الندوات والأنشطة والبرامج العلمية، ولمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس على مبادرته لعقد هذه الندوة في رحاب جامعة أم القرى.
بدوره أشار معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن ندوة (المسجد الحرام فضائله وآدابه وأحكامه) تأتي في إطار التعاون والشراكة بين الرئاسة والجامعة؛ خدمة للحرمين الشريفين وقاصديهما، والارتقاء برسالتهما نحو تطلعات القيادة الرشيدة –وفقها الله– والاستفادة مما تزخر به جامعاتنا من النخب العلمية في شتى المجالات، وتفعيلاً للدراسات العلمية والبحثية فيما يُعنى بأشرف بقعة وأقدس مكان؛ تحقيقاً للأهداف التي تخدم الأمة والتعريف والتوعية بمكانة المسجد الحرام، وبيان فضائله وآدابه؛ كبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالمسجد الحرام لاسيما النوازل والمستجدات الفقهية، ومنها ربط الأمة بمقدساتها واهتمامها بها، وما يتعلق بشؤونها من خلال التوجيهات السديدة لولاة الأمر –حفظهم الله- معرباً عن شكره للقيادة الرشيدة على دعمها ورعايتها، ولسمو أمير المنطقة على اهتمامه وحرصه، ولمعالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى على الموافقة لإقامة هذه الندوة، ولمعالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس، ولعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية الدكتور غازي العتيبي.
وقال بأن الندوة تناقش الأحكام الفقهية المتعلقة بالمسجد الحرام انطلاقاً من النصوص الشرعية، مشيراً إلى أن مرتادي المسجد الحرام بحاجة ماسة لمثل هذه الندوات التأصيلية والعلمية والفقهية التي تعمل على رفع الحرج عنهم بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة في عناية بالتيسير، ولهذا فإن المؤمل أن يخرج المشاركون فيها بتوصيات نافعة تصب في مصلحة الحرمين الشريفين من خلال مشاركة المجامع الفقهية في هذا الخصوص، ليصل الجميع إلى زبدة علمية تستمد تكوين لجنة علمية تدرس الحرم المكي الشريف في جميع جوانبه التاريخية والفقهية والعقدية والعمارة الهندسية.
ورفع معالي الرئيس العام شكره للقيادة الرشيدة –حفظها الله– على ما توليه للحرمين الشريفين من فائق الرعاية وكريم العناية، وما تبذله من دعم لا محدود لهذين المسجدين المقدسين وقاصديهما، مؤملاً أن تخرج الندوة بثمار وآثار مباركة، وبيان توصيات نافعة تصب في مصلحة وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وسأل معاليه الله عزوجل أن يحفظ على هذه البلاد عقيدتها وأمنها وأمانها وقيادتها، وأن يجمع الجميع على الكتاب والسنة، إنه جواد كريم.
أعقب ذلك معالي مدير الجامعة الدكتور بكري بن معتوق عساس، بكلمة تحدث فيها، عن قدسية المكان الذي اختاره الله لبيته الحرام "أم القرى" وما خصه المولى عزوجل من رفعة ومكانة وتعظيم، مستشهداً بآيات من القرآن الكريم في وصفين للارتباط الروحي والجسدي بهذه البقعة الطاهرة؛ أولُهما في دعاءِ إبراهيمَ عليهِ السلامَ: ((فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ))، وثانيهما في قولِهِ تعالى: ((وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً)).
واستطرد قائلاً: لستُ بصددِ استقصاءِ فضائلِ هذه الأرض الطيبةِ المقدَّسةِ؛ ففي أوراقِ هذه الندوة ما فيه غُنيةٌ وكِفايةٌ، لكنني أردتُ الإشارة هنا إلى (النقاءِ) الذي أرادَ اللهُ لهذه الأرضِ المقدسةِ أنْ تكونَ نقيةً من العِصْيانِ، ومن العُدوانِ، ومن الأضغان!
وتابع قائلاً: أمَّا العصيانُ بالشرك واستحلال الحرام وسائر المنكرات؛ فقد توعد المولى سبحانه وتعالى في قوله: ((ومَنْ يُردْ فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقْهُ من عذابٍ أليمٍ))، وأما العدوانُ فقد جعلها ربُّنا حرَماً حراماً، ((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ))، فحرَّم القتالَ فيها، وحرَّم حَمْلَ السلاحِ فيها لغير ضرورة، وحرَّم صَيْدَها، وحرَّم نباتَها، وحرَّم لُقَطَتها، وحرَّم على الدجَّالِ أن يدخلَها.
وأردف قائلاً: أما الأضغانُ فقد كانَ قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ دخولِهِ مكةَ: ((اذهبوا فأنتم الطلقاءُ))، مُشْعِراً بأنَّ مكةَ ليستْ للأحقادِ، ولا لتصفيةِ الحساباتِ، ثمَّ إنَّ الله شرَعَ اجتماعَ المسلمينَ فيها من الآفاقِ إخوةً متساوينَ، ليملأ قلوبَهم حباً، ويُطَهِّرَها من الحقدِ والكُرْهِ، إنَّه النقاءُ التامُّ الذي لا تشابهُها فيه بقعة أخرى.
وتطرق معاليه في كلمته إلى دور جامعة أم القرى من خلال كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ونُهُوضِها بعلومِ الشريعةِ واللغةِ طوالَ سبعةِ عقودٍ، واسهامها في خدمةِ المسجدِ الحرامِ على مستوى الإمامةِ والخطابةِ والتعليمِ والإرشادِ فيه؛ كونها مستقر الآلاف من أعلام الأمة وعلمائها، إلى جانب إسهام الجامعة بالمشورةِ الهندسيةِ في بنائِهِ، والبحثِ العلميِّ في كافةِ قضايا زوَّارِهِ من ضيوفِ الرحمنِ. فلا غَرْوَ أنْ تَحرص هذه الكلية العريقة على عقد ندوة مختصة بفضائلِ المسجدِ الحرامِ وأحكامِهِ، بالتعاون مع الرئاسةِ العامةِ لشؤون المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويِّ.
وفي ختام كلمته توجه معالي مدير الجامعة بالشكر لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سلمانَ بنِ عبدِالعزيزِ آل سعود حفظه الله، وحكومتِهِ الرشيدة، لما بذلوا -ومازالوا- لبيتِ اللهِ الحرامِ الكثيرَ الذي خلدَهُ التاريخُ، كما شكر أيضاً صاحبِ السموِّ الملكيِّ مستشارِ خادمِ الحرمينِ الشريفين وأميرِ منطقةِ مكةَ المكرمةَ الأميرِ خالد الفيصل، الحفيِّ بمكةَ مكاناً وإنساناً، وكذلك معالي وزيرِ التعليمِ الذي تفضَّل بالموافقة على عقدِ هذه الندوةِ، مثمناً معاليه جهود الرئاسةَ العامةَ لشؤونِ المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويّ، وعلى رأسها معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، على تعاونها مع الجامعة، مقدراً جهود كليةِ الشريعةِ والقائمين عليها لتنظيمِ هذه الندوةِ.