تحقيقًا لتوجيهات قيادتنا الرشيدة، واستشعارًا للواجب الوطني، احتضنت جامعة أم القرى، بالتعاون مع الديوان العام للمحاسبة؛ ممثَّلًا في المركز السعودي للمراجعة المالية والرقابة على الأداء، ندوة بعنوان: "المال العام أمانة"، برعاية رئيس الجامعة أ.د. معدي بن محمد آل مذهب، يوم الأربعاء الماضي، مقدَّمة لمنسوبيها، بمشاركة المستشار ومدير عام المركز السعودي للمراجعة المالية والرقابة على الأداء بالديوان العام للمحاسبة، ونخبة من الأكاديميين المتخصصين.
تأتي هذه الندوة انطلاقًا من مسؤولية الديوان العام للمحاسبة في الحفاظ على المال العام، واعتباره من الركائز الأساس لجميع أجهزة الدولة التي أخذت زمام المبادرة في تعزيز الرقابة الذاتية وطرق الحفاظ على المال العام، وأثرى الندوة نخبة من الأكاديميين المتخصصين الذين تناولوا محاور تضمَّنت مفهوم المال العام والمحافظة عليه من منظور شرعيٍّ في هذا الإطار، وتضمَّنت الندوة شرحًا وافيًا لدور الأجهزة الرقابية في المحافظة على المال العام، وتعزيز الرقابة الذاتية لدى الأفراد لحمايته.
وبيَّن صاحب الفضيلة أ.د. علي الحذيفي، نظرة الفقهاء للمال المخصص للعموم، وأن الشريعة جاءت بوجوب الحفاظ على الضروريات الخمس؛ "الدين والنفس والعقل والعرض والمال"، وبحفظ المال تُحفظ الأمة من الهلاك، وتُصبح مرموقة وغير محتاجة إلى من قد يستغل حاجتها ويبتز منافعها؛ لأن المال هو قوام الدولة والمسيِّر لمشاريعها.
تناول بعدها أ.د. هاشم الصمداني، أمانة المال العام من منظور الانتماء الوطنيِّ؛ موضّحًا أن المواطن الصالح يجب أن يحافظ على ممتلكات الوطن ومكتسباته، وأن يفكر في نهضة بلاده التي واجهت الصعاب وتجاوزت المتاعب لتسخر له خيراتها وتضمن له العيش برفاهية، وأن الانتماء الوطنيَّ هو الامتثال بالأنظمة والقوانين والحفاظ على إرث الوطن، ونقله من جيل إلى جيل يساعد على تعزيز الوحدة والولاء والوطنية.
وقدم أ.د. إحسان المعتاز، تعريفًا لجهود الديوان العام للمحاسبة في الحفاظ على ممتلكات الدولة في مناطق المملكة كافَّةً، وما تتميز به جهود الديوان بجودتها وكفاءتها، واختصاصه بالرقابة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها ومراجعتها، والحفاظ على أنواع الأموال النقدية والمنقولة، وحسن استعمالها طبقًا للنُّظُم واللوائح الإدارية والمالية والمحاسبية النافذة؛ وفقًا لنظامها الخاص، مؤكِّدًا ضرورة التعاون مع الجهات المعنية بحفظ المال لأنه ملك للجميع، والاعتداء عليه هو اعتداء على أموال جميع المواطنين؛ وهذا ما يدفعنا إلى الوقوف صفًا واحدًا لمحاربته.
وأكَّد مستشار ومدير عام المركز السعودي للمراجعة المالية والرقابة على الأداء د. سالم الغامدي، أن جميع الجهات الرقابية تتمحور في الديوان العام للمحاسبة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وأن الدراسات الحديثة أكَّدت أن عوامل الحكومة التي انطلقت منها الإجراءات بحاجة إلى أن تُسنَد بتعزيز سلوك الطلاب والطالبات رفعًا لمستوى وعيهم بأهمية الحفاظ على المال العام لجيل قادم يمثل المستقبل، ويتحمل الأمانة، ويشعر بالمسؤولية في قضية الحفاظ على المال العام؛ ليكون ذلك قوة في بناء مجد المملكة، والحفاظ على مكانتها، وحفظ مقدراتها، وحماية نزاهة الوظيفة العامة فيها.
وجاء في ختام الندوة الإجابة على أسئلة الحاضرين ومداخلاتهم، الذين ثمنوا وبقية المشاركين جهود الجامعة ودورها الفاعل في الاهتمام بنشر الوعي، وتعزيز المعرفة والانتماء الوطنيِّ، ونشر ثقافة عدم التسامح مع الفساد باعتباره فسادًا في حق الأمة.