تأتي ذكرى اليوم الوطني مسجلة 90 عاما من العمل الكبير والضخم، منذ التأسيس وحتى بلوغ هذه اللحظة، ولا تمر مثل هذه المناسبة دون النظر على رحلة الإعلام في المملكة العربية السعودية منذ بدايتها كصحافة أفراد في مكة المكرمة، وصولا لمشروع مدينة الإعلام في الرياض.
قوة المملكة الاقتصادية كعضو في مجموعة العشرين ورئيس للدورة الحالية، ومركزها الإسلامي كحاضن للحرمين الشريفين، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وكوادرها البشرية عالية الكفاءة والتي تجعل منها مركزًا محوريًا مغريًا للأخبار والتقارير الإعلامية دوليا، ولا يمكن أن تنعزل كل هذه الإمكانات على القوة الإعلامية للمملكة، كصانع وموجه للمحتوى المعلوماتي لوسائل الإعلام.
لدى المملكة ثروات هائلة غير النفط، شع لمعانها في السنوات القريبة الماضية، وأضحت بعدًا استثماريًا وحضاريًا، حان أوان تفعيله، يتمثل في البعد الأصيل للثقافة السعودية الناصعة وكل الموارد الحضارية المتوفرة على أرضنا، ولا تعني القوة الإعلامية المادة الخبرية المجردة التي تتناولها وسائل الإعلام بشكل مكثف فقط، بل القوة الإعلامية الناعمة متعددة الأذرع تبدأ بالموسيقى، والإنتاج الفني، وصولاً للمسرح والسينما، جميعها أدوات للقوة الناعمة لا تقل أهمية عن المؤسسات الإعلامية التقليدية، وقد تكون أعظم أثرٍ منها في نسج صورة الحضارة السعودية، كونها تبعث للعالم صورة فنية تعكس واقعًا مهمًا عن الإنسان السعودي المتذوق للفن والفنون، عن مواقع السياحة السعودية الغنية غير المكتشفة، عن ثقافة التعايش والتسامح والكرم، عن تلك الإنجازات الحقيقية التي سجلتها في مواجهة كورونا وآثارها، عن كل الأشياء التي تستحق السرد الدرامي والنص الروائي واللحن الغنائي.
الإنسان السعودي هو وحده من يعرف مقدرات الوطن بكل تفاصيلها وتعقيداتها، وهو القادر على أن ينقلها بروعة فنية وأدبية للعالم أجمع، الإنسان السعودي هو ثروة الوطن وهو أداته في هذه الصناعة المهمة، أدوات تكتشفها المدرسة وتنميها الجامعة وتصقلها مؤسسات الإنتاج الإعلامي، ليكون الإعلام السعودي قويًا كما هي السعودية، يجب أن يكون السعودي هو صانعها، فهو لا يقل براعة ومعرفة عن غيره، بل قد يفوقهم في حبه لبلده ودفاعه عنها ورسمه لصورتها القوية الحقيقية أمام العالم، ولهذا حان الوقت للحديث عن سعودية الإعلام قبل الحديث عن الإعلام السعودي.
د. سالم عريجة رئيس التحرير ورئيس قسم الإعلام