سوف نستقبل ضيفاً عزيزاً غائباً لا يفدُ إلينا إلا مرة في العام، يزورنا غبَّاً فنكون له أشدُّ حبّاً، ضيفٌ تَخفق بحبه القلوب، وتشرئب إليه الأعناق، وتتطلّع الأعين لرؤية هلاله، وتتعبَّد النفوس المؤمنة ربَّها بذلك.
وهذا الضيف الكريم المبارك يعرفه المؤمنون حقاً لأنهم هم أنفسهم الذين يؤدَّونه حقَّه، ويقدرونه قدره فيكرمون وفادته صدقاً وعدلاً.
هذا الشهر أنزل الله القرآن فيه، ولو لم يكن فيه إلا هذا الفضل لكفى، فكيف وفيه ما فيه والله أعلم به من مغفرة الذنوب، ورفع درجات المؤمنين، ومضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، يُعتق الله في كل ليلة من لياليه عتقاء من النَّار.
وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتُصفَّد فيه الشياطين، ينزل فيه ملكان يقول الأول: يا باغي الخير أقبل، ويقول الثاني: يا باغي الشر أقص،.فيه ليلة من حُرمها حُرم خيراً كثيراً، ليلة يُفرق كل أمر حكيم.
إنَّها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وفي هذه السطور نقف على أحواله –صلى الله عليه وسلم- في رمضان :
فكان عليه الصلاة والسلام - يبيُّت النيَّة من الليل قبل الفجر، وأمر أمَّته بذلك.
* وكان –صلى الله عليه وسلم- يُعجل الفطور ويؤخر السحور، ويأمر أمَّته بذلك قائلاً: «لا تزال أمَّتي بخير ما عجَّلوا الفطور، ومن رحمته –صلى الله عليه وسلم- بالأمَّة أن رخص للمسافر بالفطر، وللمريض، والشيخ الفاني، والمرأة العجوز، والمرأة الحامل أو المرضع، فيقضي المسافر، ويُطعم الشيخ الفاني والحامل أو المرضع.
* وكان يجتهد في العبادة والقيام في رمضان ما لا يجتهد في غيره، خصوصاً في العشر الأواخر يلتمس ليلة القدر.
* وكان يعتكف في رمضان خصوصاً في العشر الأواخر واعتكف في العام الذي توفي فيه عشرين يوماً، وكان لا يعتكف إلا صائماً.
وأمَّا جوده وكرمه في رمضان فلا يوصف؛ فقد كان – صلى الله عليه وسلم - كالريح المرسلة بالخير لا يَخشى من ذي العرش إقلالاً.
* وقد كان – صلى الله عليه وسلم - أعظم المجاهدين ولم يمنعه الصيام من المشاركة في الغزوات، فقد غزا ستُّ غزوات في تسع سنين سنواتٍ، كلها في شهر رمضان، وقام بأعمال جِسام في رمضان حيث هدم مسجد الضرار وهدم أشهر أصنام العرب، واستقبل الوفود، وتزوَّج بِحفصة أم المؤمنين، ومعركة بدر وفتح مكة في رمضان.
فشهر رمضان شهر اجتهاد وجهاد وتضحية في حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا كما يفهم ويفعل كثيرٌ من المسلمين زماننا أنه شهر دعةٍ وكسل وخمول وبطالة !!
فاللهم وفِّقنا لاقتفاء أثره نبيَّك صلى الله عليه وسلم وأحينا على سنَّته، وأمَّتنا على شريعة.
عناوين مقترحة
www.binbaz.org.sa/mat/13743 موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز
www.saaid.net صيد الفوائد .
www.dorar.net الدرر السنية .
www.shamela.ws المكتبة الشاملة .
رسائل جامعية :
• » العنوان : أثر التداوي في الصيام
» المؤلف : الخلاوي, أسامة بن أحمد بن يوسف
» رقم الرسالة : 9316