جميع روابط المواقع الرسمية التعليمية في المملكة العربية السعودية تنتهي بـ sch.sa أو edu.sa
المواقع الالكترونية الآمنة في المملكة العربية السعودية تستخدم بروتوكول HTTPS للتشفير.
مسجل لدى هيئة الحكومة الرقمية برقم: 20250417892
بسم الله الرحمن الرحيم
محاسن التأويل
لا يستريب عاقل في أن العلوم الإسلامية تجمع بينها علاقةٌ تكاملية , ومع أننا في زمن التخصصات إلا أنه لا غنى لعلمٍ إسلاميّ عن الآخر.
فعلم الفقه –مثلًا- يستند في أحكامه وتصوراته على علوم أخرى , كعلم القراءات , والتفسير , والحديث , والنحو , وغيرها من العلوم.
وفي زاويتنا .. سنبسط لكم من الحديث الممتع , ما يؤكد على صحة هذا الكلام.
حديثنا اليوم عن مسألة فقهية , كان سبب الخلاف فيها يستند على علمٍ آخر.
يقول الله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25] , قرأ الكوفيون إلا حفصا: (فإذا أَحصَنّ) بفتح الألف والصاد، وقرأ الباقون: (فَإِذا أُحْصِنَّ) بضم الهمزة، وكسر الصاد , قال القرطبي: أحصنّ بالفتح أسلمن، وبالضم: تزوجن.
ولا يعرف في اللغة العربية هذا التفريق بين المعنيين بحسب بناء الفعل للمعلوم أو المجهول , بل التفريق يكون بحسب السياق الذي وردت فيه الكلمة , أو وجود القرائن التي تعضد معنىً معيّنًا دون الآخر.
ومن المعتبر هنا للتفريق بين المعاني هو كلام أهل التفسير , يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: "لا تجلد إذا زنت حتى تتزوج" , ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوج".
وعلى كلام المفسرَين –ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما - بنى الفقهاء أقوالهم , فاختلفوا هل يشترط للإحصان الإسلام , أم يكفي الزواج؟
فتبع الحنفية والمالكية قول ابن مسعود رضي الله عنه في اعتبار الإسلام شرطًا للإحصان , وقالوا أن الحد تطهير لصاحبه , والكافر ليس من أهل التطهير.
أما الشافعية والحنابلة فتبعوا مذهب ابن عباس رضي الله عنهما في عدم اعتبار الإسلام شرطًا للإحصان , وعضدوا قولهم بحديث ابن عمر رضي الله عنها : "أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا" , ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " الثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
ومن ها هنا نرى أثر الخلاف في تفسير الإحصان على بناء الحكم الشرعي , وهذا المثال ما هو إلا غيض من فيض ..
المصادر والمراجع: